“تخصصان لا يصلح لهما إلا من خلق لأجلهما الطب والتدريس” حكمة رددها معلم الأجيال في حلب الأستاذ أسعد بيانوني (جدي) والذي استمر في مهنة التدريس لمدة تقارب من 35 سنة. ولطالما سمعتها من والدي وتفكرت بها مرارا وتكرارا وتساءلت لماذا هذين التخصصين بالذات؟
ألا يوجد تخصص آخر يشاركهما الخصائص؟
وبعد التعمق لاحظت أن هذين التخصصين يرتكزان على العنصر البشري، فالمدخلات هم البشر والعمليات تنفذ بواسطة (المدرسين أو الأطباء) على (الطلاب أو المرضى) وهم أيضا بشر والمخرجات بطبيعة الحال هم البشر، وبما أن البشر هم أعقد الكائنات على وجه الأرض والحالة النفسية هي الأساس في تصرفاتهم و ردود أفعالهم لذلك كان النجاح والتميز في هاتين الوظيفتين من أصعب الأمور، فلن نجد مهندسا أثناء البناء يفاجأ بأن الاسمنت لا يريد العمل اليوم أو أن الحديد مريض ولن نجد مبرمجا يعاني من أن الكود البرمجي مكتئب اليوم.
ثم راجعت التخصصات في ذهني و وجدت أن تخصص الإدارة ينطبق عليه هذه الأوصاف و تحديدا إدارة الموارد البشرية والتسويق فالمدخلات والعمليات والمخرجات في كلا التخصصين هم العنصر البشري والناجح في أحد هذين التخصصين هم قلة متميزة عن غيرها. المسوق الناجح يحتاج إلى فترة تدريب ودراسة تضاهي بل وتتعدى الفترة المخصصة لإعداد الطبيب على سبيل المثال. لذلك استطيع أن اضيف و بكل ثقة تخصص الإدارة إلى تلك التخصصات التي لا يصلح لها إلا من خلق لها. و ألفت عناية القارئ الكريم إلى أهمية هذا التخصص و وجوب الاعتناء به سواء كان طالب علم أم صاحب عمل. و في الختام رحم الله جدي و جعل هذه الحكمة في ميزان حسناته.
ملاحظة : للتوضيح يقصد بالشخص الذي خلق لمهنة معينة ذلك الشخص الموهوب و لديه ميول فطري للقيام بهذه المهنة. بالطبع أي شخص يستطيع تعلم إحدى هذه التخصصات لكن يبقى الإبداع والتميز من هبات الله.