أسمع كثيرا مثل هذه الأسئلة، تُسأل بشكل مباشر لي أو أراها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المدونات. و عندما اسمع هذا السؤال أجيب بشكل مباشر و سريع : كم سعر بيت مكون من ثلاث غرف؟
اعتقد ان هذه الإجابة تلخص الكثير و تقرب المفاهيم؛ فكما أن سعر المنزل تدخل فيه الكثير من العوامل، كذلك سعر المواقع الإلكترونية فعلى سبيل المثال:
اللواحق
المنطقة التي يقع فيها المنزل لها دور كبير في تحديد سعره لنقل انه منزل في العاصمة و في مناطق العاصمة الرئيسية لن يكون سعره مثل منزل في ريف مدينة هادئة أما في المواقع فنبدأ باللاحقة. حيث أن موقع بلاحقة .com من المرجح ان يكون أسهل في الحفظ في ذاكرة زوار المواقع من باقي اللواحق و كذلك مرغوبا بشكل أكبر عند البيع.
الخدمات
أما من ناحية أخرى فالديكورات الموجودة في المنزل و نوع الخامات المستخدمة في بنائه تؤثر على سعره وكذلك التصميمات الغرافيكية الموجودة في الموقع و الخدمات الإضافية الموجودة – شات مباشر، رد آلي، الدفع الإلكتروني، نظام إدارة علاقات العملاء (CRM)، نظام تتبع الزوار وغيرها -. و كما ان بعض المنازل مبنية على أساس مضاد للزلازل أو بها نظام عزل حراري أو مائي كذلك بعض المواقع تحوي انظمة حماية من الاختراق و هجمات الحرمان من الخدمات -كأن يقوم بإغراق الخوادم بطلبات غير حقيقية تستهلك موارد الخادم مما يبطئ استجابة الموقع أو تؤدي إلى توقف الموقع عن الاستجابة بالكامل-. هذا إذا تجاهلنا حجم الموقع الذي شبهناه بحجم الغرف في مثالنا.
و كما في الحياة الواقعية قد لا يكون من الضروري أن تشمل كل المنازل على هذه المميزات بل ربما يكون توفير كل هذه الميزات في المنزل أو الموقع الإلكتروني يعتبر هدرا للموارد كذلك فإن توفير كل هذه الخدمات في موقع إلكتروني لا يحتاجها يعد هدرا للمال او للجهد المبذول في البرمجة. و هنا يبرز دور التحليل و التصميم السليم للموقع من البداية.
تحليل و تصميم المواقع و وضع الأهداف
إن إنشاء موقع إلكتروني ناجح يعتمد على تضافر عدة خبرات متفرقة أهمها و أولها هي الخبرة العملية في المجال، على سبيل المثال: نريد إنشاء موقع لتجارة السيارات المستعملة الخطوة الأولى هي الجلوس مع مختص في تجارة السيارات المستعملة لفهم الخطوات و تحليلها و إيجاد البدائل التقنية للأعمال اليدوية.أما المهارة الثانية فهي قدرة المحلل الفني على تحليل الأعمال و تحويلها إلى خطوات قابلة للبرمجة و في بعض الأحيان يحتاج المحلل إلى قراءة ما بين السطور و استنباط العقبات و المشاكل الخفية و التي لا يذكرها صراحة صاحب الموقع.
و في هذه المرحلة يتم تحديد الهدف من الموقع بدقة و وضوح و هنا أجد – من خبرتي العملية- أن أكثر أصحاب المواقع أو المدراء يخطئون في وضع الهدف الصحيح و يتساهلون في إخضاعه لمعايير الأهداف الخمسة: محدد – قابل للقياس – قابل للتحقيق – واقعي – ذو صلة – محدد بوقت، فهم يرغبون بموقع يدر عليهم أرباحا متغافلين عن وجوب تحديد أهداف هذا الموقع و كيف سيقوم بتحصيل الأرباح و من من؟ … الخ
ثم في المرحلة الثالثة يأتي دور المبرمج (أو الأصح هو تسميته كاتب الكود البرمجي) و مدى قدرته على بناء برنامج أو نظام مرن و سريع و مستقر برمجيا ثم يقدمه للمرحلة الرابعة والأخيرة وهي التجربة و الإطلاق، و هنا يأتي الشخص المختبر(TESTER)او المدقق – و احيانا يطلق عليه مسؤول الجودة- و تتلخص مهمته بشكل أساسي في اختبار النظام أو الموقع و تدقيق أغلب عمليات الموقع والتأكد من أنها تعمل و تلبي المطلوب بالضبط ضمن الأهداف التي وضعت مسبقا.
الخلاصة
نطرب كثيرا لسماع قصص النجاح و كيف ان شخصا ما قام ببرمجة موقع او فكرة ما و حصل من خلالها الألوف و الملايين بفكرة بسيطة متناسين أن الأهداف و الإدارة الصحيحة هي بمثابة الروح للمشروع و الباقي هو الجسد. أنت لا تحتاج لأعظم مبرمج لكي تصمم موقعا ناجحا لكنك بكل تأكيد تحتاج إلى إدارة ناجحة قادرة أن تحول الفكرة إلى مشروع و تنفخ فيها الروح لتصبح مشروعك الناجح.